بحث حول التحليل النفسي مع المراجع
تعريف التحليل النفسي |
تعريف التحليل النفسي :
التحليل النفسي عبارة عن علاج شفهي، أو بمعنى أخر، أن المفحوص يقول كل ما يجول بخاطره دون أن يهتم إلى ما يقوله، سواء كان سيئ أو قيم .
نشا التحليل من التنويم المغناطسي، على يد "شاركو" "Charcot" والذي اهتم بموضوع الهستريا وعلاجها، وكان سيغموند فرويد أحد تلاميذه ، وكان مختصا في الطب العصبي، واهتم بدراسة الأعصال والرموز فيها جرب التنويم ثم تركه واهتم كذلك بالجانب الدينامي من الشخصية و وضع أسس التحليل النفسي وساعده "بروير Breuer .
مع تطور التحليل النفسي وتقدمه ،يظهر الفرد ما يعرف بالتحويل transfert الذي يؤدي إلى تطور علاقة عاطفية مع المعالج ، والتي يرجعها فرويد إلى أن الفرد يعيد العلاقة الوالدية مثلما كان طفلا.
عندما يرى المريض أنها علاقة ثقة وطيدة مع المعالج، يصبح قادرا على التعبير عن صراعاته التي هي سبب مشكلته مستعينا بتشجيع المعالج، لا يعرف المريض صراعاته ويقيمها إلا أن أغلب المرضى لا يشعرون بذلك، وهذه المستويات والغرائز تظهر حينذاك في شكل اضطرابات سلوكية وأعراض مرضية عصابية لا يتحكم بها بل تسيطر عليه بصورة رمزية.
أما الأنا ، فيشمل الغرائز المتعلقة بالمحافظة على الذات، فعن طريق الأنا يتعلم الفرد ما يتعلق ببيئته، ويوجه سلوكه لكي يتفادى الألم والعقاب، العمليات العقلية الشعورية هي الأخرى جزء من وظيفة الأنا.
في حين نجد الفرد مدفوعا، للسعي وراء إشباعات غرائزه الجنسية والعدوانية في نظر فرويد، فإن عليه أن يضمن التوازن النفسي وراحة الأنا والتوافق الاجتماعي والسلوكي .
يعيد العلاج بالتحليل النفسي الفرد إلى ماضيه وعن طريق تقنيات علاجية تحليلية يخرج الفرد انفعالاته، ومكبوتاته ويتعاون مع المعالج على فهمها وترتيبها عن طريق الايحاء و الوصول بها بطريقة واعية، إلى سطح الشعور لمواجهتها والتعامل معها، والارتقاء بآليات الدفاع وتنشيطها بالتالي ينخفض الصراع وتعود حياة الفرد النفسية للتوافق ويتلاشي القلق ويشعر بالراحة.
يعود الفضل للمدرسة التحليلية في فهم مكبوتات الفرد مما يجدر الإشارة له أن فرويد لم يكن مخطئا عندما أشار إلى الغرائز الجنسية ، لأن الأفراد لا يكبتون إلا ما يتعارض مع المجتمع والدين والعرف والثقافة كالاعتداءات الجنسية المبكرة والخبرات السيئة ، لذا نظرية "فرويد في الأمراض والعلاج هي أساس متين تقوم عليه العلاجات النفسية إلى يومنا هذا، ولا تستطيع إنكارها فقط أنها ظهرت في فترة زمنية معينة .
و الفرد في العلوم الإنسانية والاجتماعية محکوم بظروف التاريخ و المكان والفكر فالمرضى يبدون مقاومة Resistance أو بمعنى آخر لا يريدون التحدث في الموضوع المؤلم وإذا استطاع التخلي عن المقاومة أصبح العلاج أكثر فعالية.
اهتم سيغموند فرويد بتفسير الأحلام والرغبات الداخلية اللاشعورية ، والتي تأتي غالبا بشكل رموز في الحلم، إلا أن هذا الأخيرة خلقت صعوبات في التفسير حيث لا يمكن أن يأخذ الرمز وجوها مختلفة. إلا أنه يبقى المرجع الأساسي إلى يومنا هذا في مجال العلاج النفسي.
مفهوم التحليل النفسي:
يجتمع كل العارفين بعلم النفس على أن يعرف التحليل النفسي أنه نظرية ومنهج فرويد في التشخيص والعلاج للاضطرابات النفسية والعقلية وهو يتسم بالدينامية لاحتواءه على جميع نواحي الحياة الشعورية منها واللاشعورية وتأكيدا على اللاشعور.
وإذا قلنا العلاج النفسي عن طريق التداعي الحر، أو تحليل الأحلام، أو نظريات العصاب وجدنا أنفسنا، نتعمق بداخل الفرد وتحل مشاكله الانفعالية الرئيسية، وذلك بنقل المادة اللاشعورية المكبوتة منذ الطفولة إلى سطح الشعور ومستوى الوعي، مما يؤدي إلى اختفاء الأعراض، وشعور المريض بالراحة والتوافق.
دواعي التحليل النفسي:
هناك اختلاف بين ممثلي الحركة التحليلية حول مجال تطبيق التحليل النفسي فمنهم فينشل Fenchel الذي وسع من مجال هذا التطبيق فشمل: الهستريا، الأمراض التسلطية ، الكآبة النفسية أضطرابات الشخصية، الانحرافات الجنسية ، الحالات الشديدة من الكآبة والهياج والفصام ، ومن المحللين من يستثني الأمراض العقلية يقتصر على تحليلها فقط حسب الأعراض المرضية.
ويبرر الأعراض التالية للتحليل مثل حالات الهستريا، وحالات القلق، الكآبة في أدوارها الأولى ، أما اضطرابات الشخصية فإنها تلاءم التحليل إذا كان للمريض الحافز الكافي ، أما المريض الرافض فلا جدوى من علاجه بهذا الأسلوب، ومثل ذلك ينطبق على الانحرافات الجنسية والإدمان .
العامل الآخر الذي يقرر الاختيار هو مدى آنية الانفعال النفسي وحدته فالحالات الحادة والآنية والخطيرة لاتتحمل الدخول في عملية تحليلية طويلة، إضافة إلى حدوث نوبات من القلق والانفعال أثناء التحليل، مما قد يزيد ويعقد الحالة المرضية ، وخاصة الذي يستدعي اختصار الزمن واللجوء إلى وسائل علاجية أخرى ترد المريض إلى حالته الطبيعية ثم ينظر فيما يبرر القيام بعملية تحليلية فيما بعد.
موانع العلاج بالتحليل النفسي:
التحليل النفسي يمنع على الحالات المرضية التي لا يبدي فيها المريض الرغبة في المشاركة في العملية التحليلية أو الاستفادة منها، وأهم هذه الموانع أن يكون المريض طفلا لا يستطيع التعبير عن نفسه، أو من تجاوز الخمسين من العمر، فيصعب إجراء تغيير جذري في حياته النفسية بالتحليل ،ومن الموانع أن يكون المريض أقل من المتوسط في الذكاء أو صاحب الذكاء المرتفع وعقل جدي أو ذو شخصية صلبة و غير قابلة للتحرر، وكذلك في حالة خلو المريض من أي حافز أو رغبة في التغيير وعدم رضاه وتعاونه، في العملية التحليلية.
صفات المحلل النفسي:
- على المحلل أن يهتم فعلا بالشخصية وبأسلوبها في الحياة وبانفعالاتها أو بافكارها.
- يجب أن يكون مدفوعا برغبة المعرفة وبالبحث الدائم عن الأساليب والأصول العلاجية.
- على المحلل أن يصغي لمرضاه وأن لا يقع ضحية الملل بل عليه أن يضاعف فضوله.
- تمييز كل المؤثرات بالإسناد إلى تغييرات النبرة والإيقاع والجمل التي يقدمها المريض وأن يفترض وجود أذن صاغية موسيقية ومحللة ومميزة لنوع ونبرة الصوت وهو فن اللسانيات واللغويات.
- على المحلل، أن يكون قادرا على سماع المجهول والغريب والمقلق من مريضه بذهن مفتوح وبلا اشمئزاز.
- يجب ان تتوفر في المحلل النفسي صفات مرتبطة بالتواصل مثل ممارسة الصمت و صفات مرتبطة بالاتزان الانفعالي مثل القدرة على الالتزام العاطفي مع المريض و أن يكون صادقا وجديرا بالثقة.
خصائص المحلل النفسي:
عملية التحليل النفسي هي عملية في غاية الدقة فالمريض يتواصل مع المحلل النفسي لكي يستطيع فهم نفسه ولكي يتمكن المحلل من هذا الفهم بدوره، فإنه يجب أن يتحلى بخصائص عديدة من حيث الشخصية والتدريب، ولعل أهم ما في شخصية المحلل هو توفر عامل التفاعل والتأثير والثقة مع المريض تكريسا لعمله التحليلي وتجرده عن كل ما يخرج عن نطاق العملية التحليلية كما يفترض أن يكون المحلل خاليا من المشاكل النفسية والتي لها أن تعترض عملية التحليل، ولابد من المرور بعملية تدريب، وتكوين في التحليل النفسي، تتراوح بين 5-8 سنوات.
ففي السنوات الثلاث الأولى يتدرب على فهم الأمراض النفسية العقلية وعند انتهاء هذه المدة أو خلالها أحيانا يخضع المدرب إلى عملية تحليل يجريها عليه محلل مختصوالغاية من هذه العملية هي الكشف عن نقاط مشحونة في شخصيته والتي يمكن لها أن تساعده في رؤية المشاكل في مريضه وهو ما قد يحدث إذا كان المحلل يعاني من مشاكل مماثلة في حياته ، فيلجأ بصورة غير واعية إلى إبعادها في مخيلته وإنكارها.
والهدف الثاني من التحليل ، هو لابد للمحلل الكشف، عما يمكن أن يحدث للمحلل من قلق ، عندما يتداعى المريض أثناء التحليل فالحوادث أو الذكريات قد تماثل حوادث أو ذكريات في تاريخ المحلل، مما يعطل العملية التحليلية وأدائها الصحيح.
والهدف الثالث، هو اكتشاف، مدی مقدرة المحلل ، على ملاحظة وإدراك عملية النقل المعاكس ففشل المحلل في إدراك هذه العملية، يجعله عاجزا عن التصرف المناسب في عملية التحليل الشخصي والتي يمكن أن يمارسها الفرد على نفسه أو بما يسمى بالتحليل الذاتي كما فعل فرويد.
اهداف التحليل النفسي
يستخدم التحليل النفسي والعلاج النفسي التحليلي للذين يعانون من مشاكل نفسية متكررة تعيق قدرتهم على اختبار السعادة مع شركائهم، عائلاتهم وأصدقائهم، وتمنعهم من تحقيق النجاح في عملهم وإنجاز مهامهم اليومية.
وغالبا ما تكون حالات القلق، الكبح (الكف) والإكتئاب مؤشرا على وجود صراع داخلي ،وهذا ما يولد صعوبات في العلاقات وبحال لم تتم معالجتها قد تؤثر بشكل ملحوظ على الخيارات الشخصية والمهنية. وغالبا ما يصعب الوصول إلى الجذور العميقة لهذه المشاكل من خلال الوعي العادي وبالتالي لا يمكن حلها بدون العلاج النفسي.
يمكن للمحلل الخبير مساعدة المريض في تكوين افكار جديدة حول الأجزاء اللاشعورية من هذه المشاكل كما أن التحدث مع محلل نفسي في بيئة آمنة سيساعد المريض في فهم العديد من أجزاء عالمه الداخلي الذي كان يجهله في السابق (الأفكار والمشاعر الذكريات والأحلام)، مما يخفف من حدة معاناته النفسية ويعزز انماء شخصيته ويولد وعية ذاتية يعزز ثقة المريض بنفسه ، من اجل تحقيق اهدافه في الحياة ، و تكون هذه الاثار الايجابية للتحليل النفسي دائمة و تؤدي الى نمو افضل ، حتى بعد انتهاء عملية التحليل النفسي بفترة طويلة
مساهمة سيغموند فرويد في العلاج بالتحليل النفسي
اللاوعي:
تتخطى الحياة النفسية ما ندركه، وتتخطى ما قبل الوعي (القبشعوري) من حيث الأمور التي قد ندركها ما إن نحاول التفكير فيها فإن جزءا كبيرا من نفسنا هو لاواع، ولا يمكن الوصول إليه إلا من خلال التحليل النفسي.
تجارب الطفولة المبكرة :
هي مزيج من الإستيهام والواقع، وهي تتميز بالرغبات الشغوفة والدوافع الجامحة والقلق الطفولي. فعلى سبيل المثال، يثير الجوع رغبة في ابتلاع كل شيء، غير أنه يثير خوفا من الابتلاع من قبل الجميع في الوقت نفسه K ويتم ربط رغبة تولي زمام السيطرة والاستقلالية بالخوف من التعرض للتلاعب أو التخلي ، كما أن الانفصال عن وصي ذي أهمية قد يولد شعورا بالهشاشة والعجز والوحدة كما قد يهدد حب أحد الوالدين بفقدان حب الآخر. من هنا، فإن الرغبات والمخاوف المبكرة تؤدي إلى صراعات يتم كبتها وتصبح جزءا من اللاوعي.
النمو النفسي الجنسي:
أدرك فرويد بأن النضوج التدريجي للوظائف الجسدية الذي يتمحور حول الأجزاء المثيرة للغريزة الجنسية (الفم، الشرج والأعضاء التناسلية)، يترافق مع ملذات ومخاوف يختبرها الطفل مع الوصي عليه، وكلها تساهم في هيكلة النمو النفسي للطفل.
عقدة أوديب :
هي نواة جميع الاضطرابات العصبية فإن الطفل البالغ 4 إلى 6 أعوام يدرك الطبيعة الجنسية العلاقة بين الوالدين والتي يكون مستبعدة منها، ومن هنا تنشأ مشاعر الغيرة والمنافسة التي يجب حلها، بالإضافة إلى عدة أسئلة حول الذكر والأنثى، من يحب ومن يتزوج من وماهية الحمل والولادة، وما يمكن للطفل فعله أو عدم فعله مقارنة بالبالغين، إن معالجة هذه الأسئلة المعقدة تساهم في قولبة طابع العقل البالغ والأنا العليا
الكبت :
هو القوة التي تبقي التخيلات اللاشعورية الخطيرة متصلة بالأجزاء غير المحلولة من الصراعات في مرحلة الطفولة
الأحلام هي تحقيق الرغبات :
غالبا ما تعير عن تحقيق الرغبات أو التخيلات الجنسية في مرحلة الطفولة، وبما أنها تكون متشكرة (بشكل مشاهد عبثية أو غريبة أو غير متناسقة) فهي تتطلب التحليل من أجل كشف معناها الباطني، وقد اعتبر فرويد تفسير الأحلام على أنه الطريق المثالية والاسهل نحو اللاوعي.
التحويل :
هو النزعة السائدة عند النفس البشري للنظر إلى الحالات الجديدة وتفسيرها ضمن نماذج التجارب السابقة . وفي التحليل النفسي، يتم التحويل عندما ينظر المريض إلى المحلل وكأنه أحد الوالدين، مما يسمح له بإعادة أختبارالصراعات أو الصدمات البارزة التي تعرض لها في مرحلة الطفولة، وكانه في إطار علاقة طفل بوالديه
التداعي الحر
يصف بروز الأفكار والمشاعر عندما لا تكون مكبوتة بقيود الخوف، الذنب أو العار.
الانا و الانا الاعلى و الهو
إن الأنا في الجزء الأكبر من الوعي، وهي المسؤولة نفسيا عن ممارسة الكبت ودمج النزعات والميول
المختلفة وتعزيزها قبل ترجمتها إلى أفعال .
و يعتبر الهو الجزء اللاشعوري من النفس، وموقع آثر الذكريات المكبوتة والمجهولة من مرحلة الطفولة .
اما الأنا الاعلى او العليا فيعتبر مرشد النفس وضميره، وهي تحتفظ بالمحظورات التي يجب الالتزام بها، والمثل التي يجب السعي الى تحقيقها .
المراجع و المصادر :
(1) عائشة نحوي . ( 2010 ) . العلاج النفسي عن طريق البرمجة العصبية اللغوية . اطروحة دكتوره علم النفس العيادي . جامعة اخموة منتوري . قسنطينة . الجزائر .
(2) Lebanese Association for the development of psychoanalysis - aldep.org
و في موضوع ذات صلة يمكنك الاطلاع على بحث حول نظرية التحليل النفسي