الصحة العقلية في العالمpdf
تاليف : روبرت ديجارليه و اخرون
ترجمة : ايهاب عبد الرحيم محمد
"تمثل الصحة العقلية واحدا من
التخوم الأخيرة في مجال تحسين الوضع البشرى. وفى مواجهة الوصم واللامبالاة
المتفشيين يجب أن يتم وضع الصحة العقلية على جدول الأعمال العالمي". بهذا
البيان الصريح يصدر هذا الكتاب دعوة للعمل موجهة لكل الأفراد والمجتمعات والحكومات
والهيئات الدولية لاتخاذ الخطوات اللازمة لكبح الأعباء الشخصية والاجتماعية
المتزايدة والناجمة عن الأمراض العقلية والمشكلات السلوكية في جميع أنحاء العالم.
والعالم في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، تتسبب الأمراض العقلية والسلوكيات المدمرة للصحة في قدر هائل من الشقاء البشرى، والذي يظهر جليا في صورة الضيق واليأس الذي يستشعره الأفراد، والكرب الذى تعانيه عائلاتهم، وفي التكاليف الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن فقد الإنتاجية، والاستخدام المتزايد للخدمات المتعلقة بالصحة والرخاء الاجتماعي.
ويتفاقم المأساة نتيجة لكون أغلب مكوناتها
قابلة للمنع، لو أننا الزمنا أنفسنا بتطبيق ما نعلم، وبتعلم ما نجهل بخصوص سبل
الوقاية حجم والعلاج.
محتويات تقرير الصحة العقلية في العالم
شكر
وتقدير
مقدمة
تمهيد
الفصل
الأول : الإطار العالمي للعافية.
الفصل
الثاني : المرض العقلى وخدمات الطب النفسي
الفصل
الثالث : الانتحار
الفصل
الرابع : إساءة استخدام المواد ( إدمان المخدرات )
الفصل
الخامس : العنف.
الفصل
السادس : تهجير السكان
الفصل
السابع : الأطفال والشباب
الفصل
الثامن : المرأة
الفصل
التاسع : المسنون
الفصل
العاشر : السلوك والصحة.
الفصل
الحادي عشر : الاستنتاجات وخطة للعمل
الفصل
الثاني عشر : برنامج للأبحاث
المراجع
المؤلفون
المترجم
مقدمة حول تقرير الصحة العقلية في العالم
تمثل
الصحة العقلية واحدا من التخوم الأخيرة فى مجال تحسين الوضع البشري. وفي مواجهة
الوصم واللامبالاة المتفشيين ، يجب أن يتم وضع الصحة العقلية على جدول الأعمال
العالمي بهذا البيان الصريح ، يصدر التقرير التالي دعوة للعمل موجه لكل من
الأفراد، والمجتمعات ، والحكومات، والهيئات الدولية ، لاتخاذ الخطوات اللازمة لكبح
الأعباء الشخصية والاجتماعية المتزايدة، والناجمة عن الأمراض العقلية والمشكلاتالسلوكية في جميع أنحاء العالم.
وفي جميع
أنحاء العالم في البلدان المتقدمة وتلك النامية على حد سواء ، تتسبب الأمراضالعقلية والسلوكيات المدمرة للصحة في قدر هائل من الشقاء البشري ، والذي يظهر جليا
في صورة الضيق واليأس الذي يستشعره الأفراد ، والكرب ( anguish ) الذي
تعانيه عائلاتهم ، وفى التكاليف الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن فقد الإنتاجية
، والاستخدام المتزايد للخدمات المتعلقة بالصحة والرخاء الاجتماعي. ويتفاقم حجم
المأساة نتيجة لكون أغلب مكوناتها قابلة للمنع ، لو أننا الزمنا أنفسنا بتطبيق ما
نعلم ، ويتعلم ما نجهل ، بخصوص سبل الوقاية والعلاج.
وحتى
أولئك الذين يعترفون بأهمية المرض العقلى ، من ناحية الصحة العامة ، في الأمم
الصناعية ، يعتبرون في أغلب الأحيان أن المشكلة غير ذات أهمية نسبيا بالنسبة
لبلدان العالم النامي ، حيث الوضع الصحي عموما أسوأ بكثير. وتوضح المعلومات التي
تم تلخيصها في هذا التقرير مدى خطأ هذا الموقف : فما لم نتحرك الآن ، فإن المكاسب
غير المسبوقة التي تحققت على مدى العقود الأربعة الماضية في مجالات وفيات الأطفال
( child
mortality ) وتحسين الصحة البدنية ، وزيادة معدلات العمر المتوقعة ، في جميع
أنحاء العالم ، ستتعرض للفقد بفعل النمو المتزايد في حجم المشكلات المتعلقة بالصحة
العقلية والسلوكية.
ومن بين
أكبر العوائق التي تحول دون تحقيق التقدم ، نجد الميل لتنميط -catego ) ( rize وعنونة ( label ) هذه المشكلات بطرق تعوق أكثر سبل العمل فعالية والتي يقوم بها
أنسب الفاعلين : ( actors ) فنحن نعرف الفصام ) schizophrenia ) والاكتئاب
( depression ) على أنهما من الأمراض العقلية، لكننا نصم بالعار ( stigmatize ) أولئك
الأفراد الذين يعانون من أيهما ، ونفشل فى التعرف على قابليتهما للعلاج ، وننظر
لمدمني الكحول ( الكحوليين : alcoholics ) على أنهم مرضى ، ومع ذلك فنحن نعتبر مدمني الهيروين والكوكايين
مجرمين ، وتعرف العنف الموجه ضد النساء ( إذا اعترفنا بوجوده أصلا ( على أنه من
بين القضايا المتعلقة بالعدالة الجنائية criminal ) ( justice ، وننظر إلى
اللاجئين ، الذين يقدر تعدادهم بالملايين، كمشكلة " سياسية " ونحيط علما
بالتدمير البدني ( physical
destruction ) المرتبط بالكوارث الطبيعية ، لكننا
تفشل فى رؤية الحجم الهائل للأذى النفسي الذي تسببه تلك الكوارث ؛ كما تفصل
خدماتنا الطبية بين المشكلات البدنية وبين تلك العقلية إذا لم يتزامن حدوثهما في
نفس الأشخاص، وذلك كما لو كان من السهل التفريق بينهما. وكما يوضح هذا التقرير ،
تؤدى هذه المسميات التي تخلعها على المشكلات الصحية المعقدة ، فإن وباء العنف ضد
النساء وعودة الصراعات العرقية والتهجير القسري للسكان، والوباء العالمي لإدمان
المخدرات، تعمل جميعها على طمس الأسباب العقلية والانفعالية والسلوكية المستبطنة
لها وإخفاء تأثيراتها التراكمية على المجتمع ، والعمل ضد ذلك النوع من الفعل
المركز والمنسق الذي سيكون ضروريا للتقليل من تأثيراتها .
ويمثل التقرير أكثر الإفادات شمولا وثقية حتى الآن بخصوص المشكلات العقلية والسلوكية في جميع أنحاء العالم، ومن خلال التوجيه المقدم من أعضاء هيئة التحرير الدولية البارزين والذين ينتمون للعديد من الدول، انتقى المحررون المعلومات الضرورية من تقارير الصحة العامة وتلك العلمية المنشورة في الأدبيات العالمية ، ومن أوراق بحثية أعدها أناس ذوى خبرة بطبيعة وحجم هذه المشكلات فى بلدانهم وبالجهود المبذولة لمعالجتها. إن ثقل الأدلة التي توثق لتلك الأعباء العقلية والسلوكية غير العادية التي تفرضها المشكلات العقلية والسلوكية على جميع شعوب العالم قد تمت موازنته من خلال تقارير عن البرامج المحلية التي تظهر أنه من خلال تطبيق ما هو معروف بالفعل . أو يمكن اكتشافه من خلال الأبحاث، يمكن تحقيق تقدم حقيقي فيما يتعلق بتخفيف هذه الأعباء من خلال الوقاية والعلاج الملائمين.
وبالفعل، فإن معرفة أن هناك رعاية
عطوفا وفعالة لعدد من مشكلات الصحة العقلية تمثل أخبارا مهمة تدعو الحاجة لتوصيلها
إلى الكثير والكثير من الأفراد في البلدان المنخفضة الدخل.
هذا هو التحدى، وتلك هي الفرصة. فلن يتحقق التقدم من خلال التظاهر بعدم وجود هذه المشكلات ، أو باعتبار أنها متعلقة بشخص آخر. وسيتحقق التقدم المنشود عندما يعترف المجتمع الدولى علانية بوجودها كمشكلات فعلية ، ويطور برنامج عمل المواجهتها، وأن نعمل معا بطريقة مركزة ومنسقة لتنفيذ هذا البرنامج.
إن هذا التقرير لا يحاول تقديم وصفة
لكيفية مواجهة التحدى أو اقتناص الفرصة : فتلك أمور يجب تحديدها من قبل أولئك
الذين هم أقرب للمشكلة كما توجد محليا. وعلى أية حال، فما يقدمه التقرير بالفعل هو
دعوة ملحة للعمل. ونحن بدورنا نرجو من كل من يطلع على هذه الوثيقة القوية أن
يستجيب لهذه الدعوة.